اسم الکتاب : تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل المؤلف : ابن جزي الكلبي الجزء : 1 صفحة : 445
صلّى الله عليه وسلّم أن يؤتى قرابته حقهم من بيت المال، والأول أرجح
وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ الآية: معناه إن أعرضت عن ذوي القربى والمساكين وابن السبيل إذا لم تجد ما تعطيهم، فقل لهم كلاما حسنا، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا سأله أحد فلم يكن عنده ما يعطيه أعرض عنه، حياء منه، فأمر بحسن القول مع ذلك وهو أن يقول: رزقكم الله وأعطاكم الله وشبه ذلك، والميسور مشتق من اليسر ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها مفعول من أجله، يحتمل أن يتعلق بقوله: وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ والمعنى على هذا: أنه يعرض عنهم انتظارا لرزق يأتيه، فيعطيه إياهم، فالرحمة على هذا هو ما يرتجيه من الرزق أو يتعلق بقوله فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً أي ابتغ رحمة ربك بقول ميسور، والرحمة على هذا هي: الأجر والثواب.
وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ استعارة في معنى غاية البخل كأن البخيل حبست يده عن الإعطاء، وشدت إلى عنقه وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ استعارة في معنى غاية الجود، فنهى الله عن الطرفين: وأمر بالتوسط بينهما: كقوله إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا [الفرقان: 67] مَلُوماً أي يلومك صديقك على كثرة عطائك وإضرارك بنفسك، أو يلومك من يستحق العطاء لأنك لم تترك ما تعطيه، أو يلومك سائر الناس على التبذير في العطاء مَحْسُوراً أي منقطعا لا شيء عندك، وهو من قولهم: حسر السفر البعير إذا أتعبه حتى لم تبق له قوة إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أي يوسع على من يشاء، ويضيق على من يشاء فلا تهتم بما تراه من ذلك، فإن الله أعلم بمصالح عباده وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ ذكر في الأنعام [الأنعام: 151] وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ الحق الموجب لقتل النفس هو ما ورد في الحديث من قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتل نفس أخرى» [1] ، وتتصل بهذه الأشياء أشياء أخر لأنها في معناها كالحرابة [2] وترك الصلاة ومنع الزكاة وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً المظلوم هنا من قتل بغير حق، والولي هو ولي المقتول وسائر العصبة، وليس النساء من الأولياء عند مالك، والسلطان الذي جعل الله له هو: القصاص، أو تخييره بين العفو والقصاص فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ نهي عن أن يسرف ولي المقتول بأن يقتل غير قاتل وليه، أو يقتل اثنين بواحد وغير ذلك من وجوه [1] رواه الشيخان بألفاظ قريبة عن أبي هريرة ورواه أحمد عن عثمان وابن مسعود وعائشة بألفاظ متشابهة. [2] الحرابة هي العصيان المسلح ضد النظام الفعلي، ولها إمكانها في كتب الفقه.
اسم الکتاب : تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل المؤلف : ابن جزي الكلبي الجزء : 1 صفحة : 445